منتدى سلس
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

لغة الجسد

اذهب الى الأسفل

لغة الجسد  Empty لغة الجسد

مُساهمة من طرف Admin 30/7/2011, 12:57 am


الجسد وحركاته
ملحوظة مهمة: هذا المقال يختصر كتاباً من 200 صفحة، لذلك فهو طويل نسبياً، ويمكن قراءته على مراحل، وخلال أيام.. أو سنوات.

ملحوظة أهم: إذا أردت أن تخرج بفائدة من قراءة هذا الكلام، فعليك الاحتفاظ به في داخلك وإغلاق فمك والامتناع عن تداوله خصوصاً أمام المقرّبين منك، وتخيّل ما قد يحدث لكنوز علي بابا لو طاف في أرجاء المدينة وهو يصيح: افتح يا سمسم.

مدخل ضروري: وجدت هذا الكنز أو السر بين طيّات كتاب مهمل على رف مكتبتي بعنوان “لغة الجسد” من تأليف آلن بيز، ورأيت أنك إنسان طيب وتستحق أن أضعه بين يديك لتكون قادراً على توصيل رسائلك عبر الإيماءات، وامتلاك مفاتيح فهم إيماءات الآخرين، خصوصاً أن 65% من الاتصال عند المحادثة وجهاً لوجه، تتم عبر إيماءات أو “حركات” الجسد. لكن كما حذّرتك آنفاً، احتفظ بسر لغة الجسد لنفسك، لأن المسألة ستنقلب إلى لعبة لو عرفه الجميع.

فائدة اللغة: ستفيدك لغة الجسد في توقّع القرار السلبي والحيلولة دون صدوره، أو العكس مع القرار الإيجابي، وفي ترك الانطباع الإيجابي أو السلبي عنك، فالناس تشكّل 90% من رأيهم فيك في الـ 90 ثانية الأولى من لقائهم بك، ومن الصعب تغيير انطباعهم الأول بعد ذلك.

وستكون فائدتك أكبر لو كنت بائعاً أو خطيباً أو محاضراً أو معلماً، لأنك ستعرف ما إذا كان أسلوبك وطريقة عرضك مؤثرة مثل ساعة التنبيه أو لها مفعول حبّة المنوّم. بينما لن يعنيك هذا الكلام إذا كنت مهندس كهرباء مثلاً، اللهم إلا في الحياة الاجتماعية.

تعلّم اللغة: وللجادين فقط، يمكن تعلم لغة الجسد بالمراقبة المباشرة في الأماكن المزدحمة التي تحدث فيها الانفعالات المختلفة، كالمطارات، فهناك المنتظرون، والقادمون، والمغادرون، والمتأخرون، والمستعجلون، والذين أضاعوا حقائبهم، وغيرهم خلق كثير. وكذلك مشاهدة التلفزيون من دون صوت، ومراقبة الصورة والحركات، والأهم من هذا كله هو قراءة هذا المقال إلى النهاية.

اختلاف اللغة: وعلى الرغم من أن بعض الحركات فطرية في كل البشر، كهزّ الرأس لإبداء الرفض والتي هي نسخة مطوّرة من ميل الرضيع رأسه بعيداً عن ثدي أمه عند الاكتفاء من الحليب، إلا أن هناك حركات مستمدة من الثقافة السائدة، تختلف عن حركات الثقافات الأخرى كاختلاف اللغات الشفهية. فتشكيل حلقة دائرية بواسطة الإبهام والسبابة، تعني “حسن.. جيد.. أوكي” في معظم دول العالم، إلا أنها في إيطاليا تعني شذوذ الرجال، وأعتقد أنها تعطي المعنى نفسه في دول الخليج، وإذا لم تصدّق هذا الكلام، فجرّبه مع شخص مفتول العضلات.

ومن أساسيات لغة الجسد عدم أخذ الانطباع عن شخص ما بسبب حركة واحدة، بل بناء على مجموعة حركات في أوقات متقاربة، أي يجب ألا تصدق نفسك حين تتعلم “حركتين” من لغة الجسد.

وإذا أردت أن تتأكد من صدق لغة الجسد فعليك مراقبة أشخاص متواضعين في المنزلة، فحركات الأشخاص المرموقين قليلة قياساً بحركات العاديين، الذين تقل حركاتهم هم أيضاً قياساً بالأشخاص الأدنى منهم ثقافة ووضعية إدارية واقتصادية واجتماعية.

فالحركات تقل كلما كان بمقدور الشخص التأثير بكلامه في إيصال مراده، فلإيصال معنى الرفض، يقول الوزير أو الشاعر: “لا”، من دون إيماءات، والعادي يقول: “لا”، وهو يلوّح بيده، بينما الشخص الأقل من عادي يقول: “لا”، ويلوّح بيده ويُجحظ عينيه ويُبدي أسنانه مثل النمر.

وينبغي وضع جنس الشخص نصب عينيك، فالمرأة تضطر إلى بعض الحركات لأنها أنثى وليس لأنها تمارس لغة جسدها، خصوصاً في المنطقة السفلى من الجسم. ولسوء حظ الرجال، أن النساء أكثر قدرة على ملاحظة الحركات وأسبابها، خصوصاً الأمهات، لأن حياة الأطفال كلها حركات في حركات، وإذا لم تقوِّ الأم رادارها، فمن المرجّح أن يموت الطفل جوعاً أو ألماً.

وللعمر أحكامه، فكلما تقدم المرء في العمر قلّت حركاته أو نضجت أو تباطأت سرعة حدوثها، فعند الكذب مثلاً، يغطي الطفل فمه بيديه، والمراهق يرفع يديه لكنه في اللحظة الأخيرة يحكّ أنفه، وفي شبابه يطوّر الحركة إلى رفع اليد ولمس أي شيء آخر.

السياق: ويشترط كذلك أن تكون الحركات ضمن السياق، فإذا كنت تكلّم شخصاً مطلوباً للتحريات، وكان يلتفت في كل الاتجاهات إلا الاتجاه الذي تجلس فيه، فهذا يعني أنه خائف، وليس دليلاً على تجاهل وجودك. وكذلك إذا كان يرتدي ملابس تخرّب عليه حركاته الطبيعية، كأن يكون واضعاً على رأسه العقال للمرة الأولى ويخشى أن يسقط، لذلك يُبقي رأسه في وضعية ثابتة ولا يلتفت إليك، وربما لن يشعر إذا ما أحسست بالإهانة وغادرت المكان.

وهناك بعض الحركات تتغير بحسب الدول وأزياء الناس، فلغة الجسد علم غربي لم يدرس حركات من يلبس الكندورة أو العباءة أو النقاب، لذلك من الطبيعي أن تختلف لغة أجسادنا نحن العرب عن لغة أجسادهم في الغرب، خصوصاً في الحركات التي تعتمد على نوعية ملابس الشخص.

وتتطلب لغة الجسد أن تكون من تراقبه بني آدم يتفاعل ويبتسم ويقطب حاجبيه ويلوّح بيده، أما مراقبة من يمشي مثل الرجل الآلي، فـ”غير مجدٍ في ملتي واعتقادي”، كما يقول المعرّي.

عدم التطابق: ولأن للحركات تأثيراً على المتلقي بنسبة خمسة أضعاف تأثير الكلام، فإنه عند عدم تطابق الحركات مع الكلام، فإن المتلقي يكوّن انطباعه عنك بصرياً، وليس سمعياً، نتيجة انعدام التناغم. فمثلاً حين تكون في محاضرة وتضع رجلاً على رجل، وتقرأ في جريدة إعلانات تمسكها بالمقلوب، ثم يسألك المحاضر: هل أنت مهتم بما أقول؟ فإن “نعم” تعني أنك لا تقول الحقيقة. ويكون إخفاء الكذبة صعباً إذا كنت تكذب بمقدار الملح في الطعام، لأن اللا وعي عندك “مضروب”، يتحرك باستقلالية عن الكلام الشفهي. وليس أمامك لممارسة بعض الكذب إلا التحدث عبر الهاتف النقال.

لكن اضحك من لغة الجسد ومن هذا الكلام الفارغ إذا كنت نصّاباً وداهية ولا يمثل الصدق في كلامك إلا بمقدار ملح الطعام، حيث يمكنك تمثيل الحركات بحسب الدور الاحتيالي والخطة الإجرامية، فالكتاب يقول إنك تستطيع فعل ذلك من خلال التحكّم بالحركات بعد سنوات من التدريب والصقل.. يا مجرم.

وقد تحتج بأن حركة ما أنت معتاد عليها لأنها مريحة بالنسبة لك فحسب، لكن لغة الجسد ترد بأن الشعور بالارتياح من حركة ما تعني بالذات أنه لديك موقف متطابق مع إيحاء تلك الحركة. فإذا كنت تشعر بالراحة حين تقف واضعاً يديك على خصرك، فأنت تفعل ذلك لأنك أصلاً تشعر بالراحة حين تكون عدائياً أو تريد إثبات أنك مسيطر على الوضع الدولي.

ويعتبر الوجه أحد أكثر أجزاء الجسم كشفاً لما يدور في ذهنك، لأنه يكون مكشوفاً أكثر حين يتطلب الموقف إيماءات في وجهك، كانتفاضة عضلات وجهك، وتعرّقه، واحمرار خديك، وسرعة حركة رموشك مثل جناحي الطائر، ومقولة الإمام علي: “ما أظمر المرء شيئاً إلا ظهر على فلتات لسانه وصفحة وجهه”، تؤكد ذلك.

وماذا عن النسخ الحركي، أي تقليد إيماءاتك؟ في الحركات التي تعطي انطباعاً إيجابياً، يعني هذا أن المقلِّد يحبك أو يوافقك، والعكس في الحركات السلبية، المقلِّد ينافسك ويرغب في إيصال رسالة لك، بأنك إذا كنت أحمق، فأنا أكثر حماقة منك. المجال الهوائي: واكتشف عالم أنثربولوجيا أن لجسد الإنسان “مجالاً هوائياً محدداً”، يختلف من مكان لآخر، فابن دبي يختلف هواه عن ابن مدينة العين، لأن دبي تعتبر مزدحمة قياساً بالعين، لذلك فالعيناوي، الذي يعيش في بحبوحة هوائية، مدى هواء جسده أكبر من مواطنه الدبوي الذي اعتاد على الازدحام. لذلك يمكنك الاقتراب الفيزيائي من الدبوي أكثر من العيناوي.

وهناك أربعة مناطق للجسد، الأولى المنطقة الحميمية (بين 15-46 سم)، وهي مخصصة للمقربين من الشخص. المنطقة الشخصية (بين 46 سم-1.22 متر)، للحفلات واللقاءات الودية. المنطقة الاجتماعية (بين 1.22 متراً- 3.6 متراً)، مخصصة للغرباء ومن تلتقي بهم للمرة الأولى. المنطقة العامة (فوق 3.6 متر)، عند التحدث أمام الجمهور.. علماً بأن هذه الأرقام تخص الشعوب التي تعتبر اللغة الإنجليزية لغة أم بالنسبة لها، فالأبحاث أقيمت عليهم.

وما يهمك هنا كقارئ عربي هو أن تحاول ترك مسافة مريحة بينك وبين الآخرين، بحسب علاقتك بهم، فالمسافة المقبولة مع الأولاد، تختلف تماماً عن المسافة المقبولة مع زميل العمل، والتي تختلف بدورها عن المسافة المقبولة مع غيره.

عليك أن تفعل ذلك حتى لا تدخل الحدود الإقليمية للآخرين وتُعتبر متسللاً وشخصاً مؤذياً، و”لزقة” كما يقولون. ويفترض أن كل واحد منا تعرض لمثل هذه المواقف، فتقف مع شخص يقترب منك فتتقهقر إلى الوراء، فيقترب، فتتقهقر، وهكذا، لأنك تشعر بأنه دخل منطقتك.

ويتوقف الأمر على المكان الذي تلتقي به مع الآخرين، فالمسافة المقبولة مع المدير في مكتبه، تختلف عن المسافة معه حين تكونان في حفل أو رحلة برية.

ويمكنك الاستفادة من الحدود الإقليمية للبشر إذا كنت شرطياً، حيث ينصحك علم لغة الجسد بتفريق الجموع الغاضبة، لأنه كلما كانوا متلاصقين أكثر، وبالتالي يشعر كل واحد منهم أن آخراً دخل مملكته الجسدية، فإنه يشعر بالغضب أكثر.

والاستفادة كذلك من هذا أثناء التحقيقات، بالدخول في المناطق الحميمية للمشبوه وسؤاله والبقاء هناك إلى أن يضطر إلى الإجابة ليتخلص من الشعور بالغزو. بالطبع لن يستفيد المحقق من هذه التقنية معك، لأنك الآن تدرك الأمر، وستعتبر الاقتراب منك لعبة من ألعاب الشرطة لتعترف.. وما أنت بالمعترفين.

وهناك حركات إثبات الملكية، فلمس شيء ما: سيارة، باب مكتب، طاولة في مقهى، تعني أن صاحبها يمتلك هذا الشيء أو يخصّه، وبمجرد الإنحناء فوق هذا الشيء أو لمسه، يبدأ صاحبه في الشعور بالخوف أو الضيق.


ويورد الكتاب مثالاً عن تحقيقات الشرطة التي يتعمد فيها رجل الشرطة وضع المشبوه على كرسي في مكان مفتوح وتحت الضوء الساطع لتكون حركاته تحت المجهر. بالطبع تحقيقات الشرطة العربية لا تحتاج إلى كل هذا الكلام والحيل، فهو سيقول الحقيقة من دون كرسي ولا نور.




حركات الوجه: والآن سأنتقل من الجزء الفارغ للغة الجسد إلى الجزء المفيد والعملي، وسأبدأ، بالطبع بالاستعانة بمعلومات كتاب آلن بيز، بأهم الحركات، وهي تلك التي تصدر من اليد إلى الوجه.

فإذا وضع أحدهم يده على فمه أثناء حديثه، فاعلم أنه يكذب ويحاول تغطية كذبه بيده. وقد يكون ذكياً فيغطي فمه بسعلة مفبركة أو تثاؤب وهمي أو يمسح طرفي شفاهه. وإذا لمس أنفه فإنها مجرد محاولة لتطوير حركة لمس الفم، فهو يتذكر أن حركة الفم حركة بدائية وغبية، فيقوم بتغييرها إلى لمسة خاطفة للأنف. ولم أجد في الكتاب شيئاً عن حركة إدخال الإصبع في الأنف للوصول إلى منابع النيل.

أما إذا كنت أنت المتحدث وهو يأتي بتلك الحركات، فهذا يعني أنه لا يصدق كثيراً مما تقول، وعليك أن تأكد صحة كلامك بشهادة أربعة رجال عدول.

ويأخذ حكّ العين حكم لمس الفم أو الأنف، لكن الحك يختلف بحسب الجنس، فالرجال، على عكس النساء، يحكّون عيونهم بقوة. والطرفان يتحاشيان النظر في عينيك وأنت تصغي إليهم، لكن الرجال ينظرون إلى جهة أخرى أو إلى الأرض، بينما النساء ينظرن إلى السقف، كأنك تجلس مكان “اللمبة”.

أما إذا كنت تثرثر وحك المستمع أذنه أو اخترقها بـ”دريل” الإصبع أو داعب شحمة أذنه أو غطى أذنه براحة يده، فهو إما يريد أن يقول لك: “كفاية” لست موافقاً لما تقول، وإما “بَسْ” جاء دوري في الكلام. وإذا حك رقبته فيعني أنه يشك في كلامك، وإذا سحب ياقته فهو إما يحاول مداراة اكتشاف كذبه، وإما هو غاضب أو محبط.

وإذا رأيته يضع إصبعه في فمه، فهو يحتاج إلى طمأنته، فالإنسان يعود إلى حضن أمه مع هذه الحركة، حيث كان يشعر بالطمأنينة عندما يلقم ثدي أمه. والأمر كذلك مع وضع قلم في فمه أو سيجارة أو طرف الهاتف النقال، لكنه إذا بلع الهاتف، فهذا يعني أنه كان جائعاً وليس خائفاً.

وتوقع منه قراراً إذا حك ذقنه أو ضربه ضربات خفيفة. أما إذا أسند رأسه بيده، فهذا يعني أن نمل الملل بدأ يمشي بين عينيه. أما إذا قرع الطاولة بأصابعه، أو الأرضية بقدمه، فيعني أن صبره نفد، وكلما كان النقر أسرع، كانت كمية الصبر تنفد بشكل أسرع.

وإذا وضع يده على وجهه من دون أن يسند رأسه، فيعني أنه يقيّم ما تقوله، لكن إذا وضع السبابة عمودياً باتجاه الأذن وأسند الذقن بالإبهام، فهذا يعني أن لديه ملاحظات سلبية أو يريد أن ينتقدك.

ويختلف الوضع عند “النظّاراتي” و”الدوّيخ”، فهو سيضع ذراع النظارة أو السيجارة/ المدواخ/ الغليون في فمه، وكلما حشى فمه بالأشياء، فاعلم أنه متردد ويريد أن يأخذ وقتاً مستقطعاً للتفكير.

وإذا لطم جبينه أو مؤخرة عنقه فهذا يعني أنه يعتذر، لكن انتبه لأن حك مؤخرة العنق تستعمل لإخفاء الكذب أو كمؤشر على الغضب أو الإحباط، ويرافقها تجنب النظر في عينيك. وعموماً من يحك مؤخرة عنقه شخص سلبي أو انتقادي، لكن الذي يلطم جبينه أو يحكّه شخص صريح وهادئ.

حركات الذراع: ويعتبر الذراع أفضل أجزاء الجسم للاختباء، وهذه الحركة طفولية المنشأ، حين كان الطفل يختبئ خلف عباءة أمه أو تنورتها أو طاولة التلفزيون، وحين كبر أخذ يطوي ذراعيه فوق صدره ليكون تعبيراً عن عصبيته أو سلبيته أو دفاعيته أو عدم ثقته أو عدم شعوره بالأمان أو يكون غير موافق لما يدور من حوله. فإذا كنت مع شخص يختبئ خلف حاجز ذراعيه، تستطيع أن تجبره على تغيير وضعيته الدفاعية بمناولته قلماً أو كوب شاي أو قنبلة يدوية. المهم أن تضعضع قلعته الجسدية.

وإذا كانت ذراعاه مطويتان فوق صدره ويداه في وضعية “البوكس”، فهو في حالة عدوانية ودفاعية. ولا يختلف الوضع إذا كانت راحتا يديه تمسكان بذراعيه المطويتين على صدره، وكذلك إذا مسك ذراعه الأخرى. أما إذا طوى ذراعيه ورفع إبهاميه إلى أعلى فيعني أنه هادئ ومتحكم بأعصابه.

وقد يحاول “تحوير” هذه الحركة بالاختباء خلف أشياء أخرى موجودة فوق ذراعه أو قريبة منه، مثل ساعة يده، خصوصاً إذا كانت أصلية، أو كُمّ كندورته أو أزراره أو هاتفه أو حقيبتها النسائية لو كانت امرأة.

أما إذا وقف وتماسكت يداه، فيعني أنه يشعر بالحرج وبعدم الثقة بالنفس، وهي حركة تعيد له الأمن والهدوء كما كانت يدا أبيه المقبور تهدئ من مخاوفه أو قلقه حين كان صغيراً محاطاً بـ”البامبرز”.

حركات اليد: وجاء الدور على راحة اليد التي يمكن أن تعطي الانطباع بأنك صادق وأمين أو أنك متسلط وعدواني. راحتاك المفتوحتان إلى الأعلى مثل راحة الشحّاذ، تعطي الانطباع بأنك صادق وأمين ومطيع. أما إذا كانتا مفتوحتين إلى الأسفل، مثل راحة السيدة التي يتقدم أحدهم لتقبيل يدها وشفط ما عليها من جراثيم، فإنها تعني السُلطة وإعطاء الأوامر. وإذا كانت راحتك مغلقة وسبابتك تشير إلى شيء ما، فأنت عدواني.

وماذا عن المصافحة؟ إذا كانت راحة يدك موجهة إلى الأعلى وراحة يد الآخر موجهة إلى الأسفل، فإنها تعطي الإيحاء بأنك الأقوى والأعلى والمسيطر على الكون، والعكس صحيح. وحين تكون الراحتان عموديتين يكون الطرفان متساويين. وإذا أردت أن تكون حميمياً ومخلصاً، فعليك بالمصافحة المزدوجة اليدين، أما إذا أردت أن تكون عدائياً، فعليك أن تضغط راحة يد الآخر إلى الأسفل، أو تطحن راحته بيدك. لكن كن مستعداً للكمة التي ستحطم أنفك المرفوع عالياً.

إذا أردت أن تبقي مسافة بينك وبين المصافح، فعليك بتصليب ذراعك وعدم ثنيها؛ لأنه سيضطر إلى عدم الاقتراب عند ذاك. وإذا فعل أحدهم هذه الحركة معك، فتأكد أنه لا يثق بك أو لا يريد أن تقترب من مجاله الهوائي. والإمساك بالساعد أو الزند عند المصافحة يعطي انطباعاً عدائياً، بينما إمساك المرفق أو الكتف يعطي انطباعاً حميمياً.

البدء بالمصافحة من أكبر الأخطاء إذا كنت لا تدري إن كانت مصافحتك مُرحباً بها من عدمه، فقد تخسر زبونك إذا ابتدأت بالمصافحة، بينما من المتوقع أن تربح إن بدء هو بالمصافحة؛ لأنها تعني الترحيب. وخفض الجسد أثناء المصافحة أو اللقاء تعطي الانطباع بأنك تابع أو خاضع أو متملّق كبير ودجال أعور.

ومواصلة لحركات اليد، ففي فرك الراحتين إيحاء بربح قادم، لكن إذا فرك أحدهم راحتيه أثناء التواصل معك، فإذا كان الفرك سريعاً فهذا يعني أنه يعمل لمصلحتك، والعكس إذا كان ببطء. أما اليدان المتماسكتان فتشيران إلى موقف سلبي أو عدائي أو إحباط، فإذا كانت اليدان على طاولة ومتكئتان على المرفقين، فالموقف سلبي بصورة أكبر.

وتوصي لغة الجسد بحركة رفع اليدين على الطاولة وتشكيل برج أو مثلث بواسطة الأصابع؛ لأنها تعطي انطباعاً بالتفوق والثقة في النفس.. ألا ترى بعض المديرين يظهرون على أغلفة المجلات وهم بهذه الوضعية؟ لكن هذه الحركة إذا ما اقترنت بميل الرأس إلى الخلف، فإنها تعطي الانطباع بالغرور والعجرفة وفراغ الجمجمة من العقل.

أما حركة البرج نفسها لكن بالمقلوب، فإنها تعني أنك تصغي بشكل أكبر من التحدث. وتعتبر حركة البرج حركة استثنائية لا تخضع للقواعد العادية، فقد تكون إيجابية أو سلبية بحسب باقي الحركات.

وتعطي حركة المشي أو الوقوف مع تماسك الراحتين من الخلف، انطباعاً بالتفوق والثقة بالنفس؛ لأن المنطقة الأمامية تكون مكشوفة للآخرين، وبالتالي تدل على أنك شجاع لا تهاب جيوش الحلفاء. لذلك تستعمل الحركة من قبل رجال الشرطة ومديري المدارس وغيرهم.

لكن قبض اليد على الساعد في تلك الوضعية، أي من الخلف، تعني أنك تعاني من الإحباط وتحاول ضبط نفسك. وكلما كانت “المسكة” إلى أعلى، كان الموقف سلبياً أكثر، فمسك مرفق اليد باليد الأخرى من الخلف تعني أنك أكثر غضباً وتحاول صدّ اليد الممسوكة عن الضرب.

ويدل استخدام إصبع الإبهام في الحركات إلى أنك مسيطر ومتفوق وعدواني. وترتبط حركات الإبهام بالملابس الجديدة، فإذا ظهر الإبهام من الجيب الأمامي، فيعني أنك “شايف نفسك” وغير مخلص، أما بروز الإبهامان من الجيب الخلفي، فهذا يعني أنك تحاول إخفاء سيطرتك على الوضع. والإشارة بالإبهام إلى شخص آخر تعتبر علامة سخرية منه.

حركات الرجل: إذا كانت اليدان تستعملان لحماية منطقة أعلى الجسد، فإن القدمان تستخدمان للذود عن حياض مدينة التناسل وضواحيها وتلالها القريبة. بالطبع إذا كنت من أصحاب الوزن الثقيل؛ فأنت لن تستطيع استخدام الكثير من حركات القدمين، بسبب الخوف من هرس جهازك التناسلي وانقطاع نسلك، وكذلك إذا كانت حركات القدمين تصاحبها الآلام، خصوصاً إذا كنت تعاني من آلام المفاصل أو كنت من الذين شاركوا في الحملات الصليبية وعاقبك القدر بتمزّق رباطك الصليبي.

تصالب الرجلين أو طويهما فوق بعض، يوحي بالعصبية أو التحفظ أو الاستياء أو الموقف الدفاعي. ويكون الموقف أشد إذا تصالبت الرجلان وأمسكت اليدان بأحد الرجلين أثناء الجلوس.

أما تصالب الرجلين وقوفاً، فيكون في حالة الوجود في وسط غريب ومع أشخاص لا تعرفهم جيداً. والحركة نفسها إذا أضفت إليها طوي الذراعين على الصدر، فتعني أنك غير مسترخٍ أو لا تثق بنفسك.

ويعتبر قفل الكاحلين أو تصالبهما موقفاً سلبياً أو دفاعياً، خصوصاً إذا اقترن بإمساك ذراعي المقعد بإحكام. وهناك حركة قفل الرجل بكاحل القدم الأخرى، وهي حركة نسائية تعطي الانطباع بالجبن أو الخجل. ومن أشهر الحركات الدفاعية الجلوس على الكرسي بالعكس، أي بإسناد البطن إلى مسند الكرسي وليس الظهر.

حركات الجذع: اتجاه جذع الجسم أو القدمين يعطي إشارة إلى الاتجاه أو الطرف الذي يرغب الشخص في السير أو التودّد إليه، فمثلاً إذا كنت تعقد مباحثات على مستوى القمة مع صديق لك في ساحة “أبتاون مردف” بشأن الكوفي الشوب الذي ستجلسان فيه، فسيعلم خبراء لغة الجسد أنكما غير متفقين إذا كان جذع أحدكما أو قدمه باتجاه مقهى “كاريبو” الذي يقع على اليمين، بينما جذع أو قدم الآخر باتجاه مقهى “ستاربكس” الذي يقع على الشمال.

وإذا رأيت شخصين يتحدثان وجذعهما أو قدماهما متقابلان، وبقيا على الوضعية نفسها حتى بعد انضمامك إليهما، فاعلم أنك غير مرغوب بك حتى لو كان رأسهما يتجهان إليك بين الحين والآخر. وإذا كان هناك شخصان فقط جذعاهما أو قدماهما متجهان إلى نقطة ثالثة، فاعلم أنهما يرغبان في انضمام شخص ثالث إليهما، فتقدم إليهما وشاركهما الثرثرة.

حركات الوقوف: ولإيصال انطباع بالموقف العدائي أو المسيطر، يمكن استخدام حركة الوقوف مع وضع اليدين على الخصر، وهي حركة مستوحاة من الطيور التي تنفش ريشها لتبدو أكبر أثناء التصارع على الأنثى أو التغزّل بها.


ويفسّر لغة الجسد سبب وقوف عارضة الأزياء وهي تضع يديها أو يداً واحدة على خصرها، وذلك لإبراز موقف المرأة الحديثة ذات النظرة المستقبلية و.. الفارغة.

حركات الرأس: وللرأس أثناء الاستماع حركاته، فالمرفوع يعني الحيادية، والمنخفض يعني السلبية، أما الرأس المائل جانباً، فيعني أن صاحبه بدأ يهتم. وللفائدة، فإن المرأة التي تميل برأسها يعني أنها تريد تسجيل انجذابها للرجل، وفي كل الأحوال، ميل الرأس يعطي الانطباع بأن السامع مرتاح ويشعر بالدفء تجاه المتكلم. ومن حركات الأشخاص الذين “يعرفون كل شيء”، وضع اليدين خلف الرأس، فهذه الحركة تعطي الانطباع بالثقة في النفس أو السيطرة أو التفوّق.

ومن الحركات “القرعة” التي تدل على أن صاحبك غير موافق لكنه مضطر إلى بلع لسانه وعدم الاعتراض علناً، هو التقاط “الأشياء” من الملابس أو الجسم، كالتقاط خيط وهمي أو المسح على طرف كندورته أو حتى استخراج القمل من غابة رأسه، المهم هو إظهار انشغاله بأشياء أهم منك ومن كلامك.

حركات العين: والآن إلى حركات أم الحركات، أي العيون التي تعتبر أدق وسيلة اتصال بشرية، ولذلك يحاول بعض الناس تضليل الآخرين بتغطية عيونهم بنظارات سوداء حتى لا يُعرف مزاجهم أو انطباعاتهم أو أفكارهم.

عند الإثارة يتضاعف حجم العين أربع مرات، والعكس عند الغضب أو الموقف السلبي، فالعين تتقلّص. وعندما تحب المرأة رجلاً ما، فإنها تمدد إنسان عينها أمامه، لذلك فإن اللقاءات العاطفية تكون أكثر شاعرية في الضوء الخافت، حيث تتمدد بؤبؤ العين. وعند الكذب أو كتم الحقائق، فإن عيني الشخص تلتقيان بعينيك أقل من ثلث الوقت. ولكن عندما تلتقي عيناه بعينيك أكثر من ثلث الوقت، فهذا يعني إما الانجذاب وإما التحدي.

وتقسم لغة الجسد النظرات إلى أربعة أقسام: الأولى، النظرة العملية وهي خاصة بجوّ العمل والمفاوضات التجارية أو أي موقف جدي، وتكون بتصوّر أن هناك مثلثاً على جبين الطرف الآخر، أي أن تظل تنظر إلى عينيه ومنتصف جبهته.

الثانية، النظرة الاجتماعية وهي بتصوّر المثلث نفسه لكن بالمقلوب، أي أن تنظر إلى عينيه وأنفه وفمه خصوصاً إذا كانت أسنانه صفراء تسرُّ الناظرين.

الثالثة، النظرة الحميمية وهي بتخيل مثلث زاويتاه العينين، وزاويته الثالثة تنزل إلى ما تحت الذقن. وكلما كانت العلاقة حميمية، كلما انخفضت الزاوية الثالثة لتصل إلى منطقة الصدر والبطن، بشرط ألا يكون ذو كرش كبير، فتتحول نظراتك الحميمية إلى نظرات حِممية جهنمية تشعل فؤاده غيظاً منك ومن قوامك الرشيق.

الرابعة، النظرة العجلى الجانبية وهي إما لإظهار الاهتمام أو المغازلة حين ترافقها ابتسامة أو رفع للحاجبين، وإما لإظهار العداء أو الانتقاد أو الارتياب حين ترافقها جبين متقطّب أو حاجبين متجهين إلى الأسفل أو زاويتي الفم المتجهتين إلى الأسفل.

أما حركة إغلاق العين فتعني الضجر أو عدم الاهتمام أو إظهار التفوّق. وليس أمامك في هذه اللحظة سوى أن تمسك ذقنه بيد وتلطمه باليد الأخرى على خده لينظر إليك مثل الرجال.

حركات التودّد: وجاء الدور على الأمور التي تشغل بال أي إنسان عاقل ناضج لم ينضب نهر الحب في قلبه بعد، وهي الإيماءات الجنسية أو حركات التودّد.

اقرأ يا بني آدم وادعو لي في محراب الحب، حيث تعرف المرأة بأنك بدأت في التودّد حين: تُدخل إبهامي يديك تحت حزام بنطلونك، ولا أدري ماذا ستفعل إن كنت خليجياً لتعلن عن تودّدك للخليجية، ربما عليك أن تُدخل إبهامك بين حلقتي عقالك.

وحين تستخدم النظرة الحميمية، ويداك تكون على خصرك. وحين تملّس شعرك أو ترتّب غترتك على رأسك. وحين تُعيد ترتيب ربطة عنقك، أو ترتيب ياقة كندورتك، وإذا لم تكن ترتدي ربطة عنق، أو كانت كندورتك من غير ياقة، كالكندورة العمانية مثلاً، فإنه عليك أن تنفض غباراً وهمياً من على كتفك، أو تتأكد من أزرار قميصك، أو ترتّب طربوشة كندورتك، والمهم أن تفعل شيئاً تقول فيه “نحن هنا”. بالطبع إذا كانت كندورتك بلا أزرار، وطربوش كندورتك مهترئاً من أثر الغسيل، فعليك أن تحترم نفسك ولا تفكر في التودّد إلا إلى أدوات النظافة ومحلات الخياطة.

ويعرف الرجل الخبير أن المرأة بدأت تتودّد حين: تستخدم حركات الترتيب المذكورة آنفاً، وحين ترفع رأسها أو تردّه إلى الوراء بحركة مفاجأة، على أن تكون سافرة، فلا يمكن تصوّر هذه الحركة مع التي تغطي رأسها بأمتار من الأقمشة السوداء. وحين تكشف تدريجياً عن منطقة الساعد. وحين تفرج ما بين رجليها أكثر من المعتاد.

وبالنظرة الجانبية العجلى التي تعطي الانطباع باختلاس النظر إلى الرجل. وحين ترطّب شفتاها باللعاب، وحين تتحدث بصوت خافت. وحين تجلس على رجل وتجعل الأخرى متدلية، وحين تخلع حذاءها قليلاً، وحين تصالب رجليها ثم تفكّهما ببطء أمام الرجل، خصوصاً إذا كان من النوع المسعور الذي يعض.

حركات المدخنين: وللمدخنين نصيبهم من الحركات، فإشعال سيجارة يساوي قضم الأظافر وحك الرأس، وكلها حركات تعطي الانطباع بتوتر صاحبها. ويحاول مدخنو الغليون/ المدواخ، التخلّص من التوتر عندما يشعرون في ممارسة طقوس التدخين، كتنظيف الغليون وقرعه وحشوه. ونفض السيجارة المتواصل في المنفضة تعطي الانطباع بالنزاع الداخلي. وإشعال السيجارة وإطفائها بسرعة وعلى غير المعتاد، تعني أن صاحبها يرغب في إنهاء الحديث.

ولاتجاه نفث الدخان علاماته، فالنفث إلى الأعلى يعني الثقة بالنفس والتفوق. وإلى الأسفل يعني أنه كتوم وسلبي ومرتاب. أما النفث الجانبي فيعني أنه سلبي بشكل أكبر. وكلما كان النفث أسرع، كان الشخص أكثر إيجابية في الحالة العلوية، وأكثر سلبية في الحالة السفلية أو الجانبية.

وربما كانت الحركات الدخانية مستوحاة من دخان القطار، فالقطار المنطلق إلى المستقبل؛ يصعد دخانه إلى الأعلى، بينما القطار الذي يحاول التوقف؛ يخرج دخانه من الجوانب ومن الأسفل. مع الأخذ بعين الاعتبار عند الحكم على نفث دخان شخص ما بأنه قد يغير اتجاه النفث احتراماً لمقام جلسائه أو تجنباً لإيذائهم بدخانه النتن ورائحة فمه المقرفة.

علماً بأن حركات التدخين تشمل أيضاً السيكار أو “الجروت”، لكنه عادة يستخدم من قبل المدراء وأصحاب المقامات الرفيعة و.. زعماء العصابات. ولا أدري بالضبط إن كانت تصلح هذه الحركات مع الشيشة التي لم يجري عليها الغربيون أبحاثهم في لغة الجسد.

حركات أصحاب النظارات: ولأصحاب النظارات، من أمثالي، حركاتهم أيضاً، فوضع ذراع إطار النظارة في الفم هي حركة طمأنة، أو التمهّل قبل إصدار قرار أو تأخيره أو كسب الوقت، ويأخذ تنظيف عدسة النظارة الحكم نفسه. ووضع النظارة على العينين مجدداً يعني أن الشخص يريد التأكد من الوقائع، أما طي النظارة فيعني رغبته في إنهاء الحديث.

والنظر من فوق النظارة حركة سيئة تعطي الانطباع بأن صاحبها إنسان انتقادي أو يحب محاكمة الأشخاص. ولكي يتمكن صاحب النظارة السيطرة على الموقف، عليه أن ينزع النظارة حين يتحدث، ويضعها حين يستمع، وهكذا يعطي “أمراً” للطرف الآخر بأن عليه التحدث مع وضع النظارة، والتوقف عن الكلام مع نزعها.

حركات الطاولات والكراسي: وأرجو الآن ألا يستغل أحد من الرجال القصة التي سأذكرها، والتي لا تستحق الذكر إلا لتفتح الزوجات أعينهن، ولتوضيح أهمية لغة الطاولات والكراسي والتي هي جزء من لغة الجسد.

القصة حدثت مع صديق لي صارح زوجته في شهر عسلها على شاطئ جزيرة لنكاوي الماليزية، بأن لديه زوجة أولى سريّة ولا تزال على ذمته وقد أنجب منها ولداً، فلم أفهم كيف رضيت عروسه الطازجة بالأمر ولم تحزم حقائبها وتعود إلى الإمارات ودموعها “أربع.. أربع”.

مع التفاصيل التي ستجدها لاحقاً، سترى أن بعض التكتيكات النفسية تجعل الشخص يسيطر على الطرف الآخر ويجعله يسير خلفه وهو مغمض العينين ويداه ممدودتان إلى الأمام. فكل ما فعله صديقي اللعين معروف في لغة الجسد، لكنه فعل ما فعل بالفطرة ومن دون أن يقرأ حرفاً من كتاب “لغة الجسد” الذي خرجت عيوني وأنا أقرأ فيه.

اتصلت به بعد سنوات من بدء قصته، وبعد أن أنجب من زوجتيه بنيناً وبنات، وطلبت منه، لدواعي “البحث العلمي”، أن يخبرني بتفاصيل ذلك الاعتراف الشهير، فقبِل وبدأت أسأله:

- هل كانت تسند ظهرها إلى الجدار؟

- كانت تجلس على كرسي مريح ومن خلفها جدار الشاليه.

- كيف كانت مستوى الإضاءة؟

- خافتة تقريباً، فالبحر كان أمامنا والشمس تغيب خلفه ببطء.

- هل كانت هناك موسيقى؟

- كان معي مسجل تركته مفتوحاً في الشاليه، وكان صوت المطرب السعودي راشد الماجد يغرّد بأغنيتها المفضلة “المسافر”.

- وماذا كان يوجد على الطاولة؟

- كوبان من عصير المانجو مع سلة فاكهة استوائية لذيذة.

بهذه الوضعية، ومع تلك المؤثرات، وبالطبع مع مكر ودهاء الزوج وضعف وقلة حيلة الزوجة، استطاع صاحبي انتزاع اعتراف من زوجته الثانية بزوجته الأولى، بل كان يستطيع أن يسحب من فمها موافقة بأن تكون خادمة لدى ضرّتها.

فبواسطة لغة الجسد تستطيع الحصول على قرار إيجابي أو في مصلحتك إذا كان الطرف الآخر مرتاحاً وحواجزه الدفاعية هشة، وذلك من خلال دعوته على عشاء في مكان خافت الأضواء مع خلفية موسيقية، وأن تُجلسه وظهره إلى جدار أو حاجز صلب، فسرعة ضغط الدم، والتنفس، ونبض القلب، تزداد كلها عندما يجلس المرء وظهره إلى حيز مفتوح، خصوصاً إذا كان هناك أشخاص يتحركون، أو إذا كان ظهره إلى باب أو نافذة مفتوحة.

وإلى المزيد من التفاصيل، فللطاولات طقوسها الحركية، فإذا كانت مستطيلة، وكان هناك عدة أشخاص يجلسون إليها وليس بينهم تراتبية وظيفية في العمل أو اجتماعية في الأسرة، فإن بين الشخصين اللذين يجلسان إلى ضلعين مختلفين ينتهيان إلى زاوية، حديثاً ودياً أو عابراً.

وبين اللذين يجلسان إلى ضلع واحد بجانب بعضهما بعضاً، تعاوناً. وبين اللذين يجلسان متقابلين منافسة أو موقفاً دفاعياً. وبين اللذين يجلسان إلى ضلعين متقابلين لكن في نقطتين مختلفتين بحيث لا يرى أحدهما الآخر مباشرة، لا شيء، أي أنهما غير مهتمين بعضهما ببعض.

وفي حال جلس أشخاص متفاوتون في المنزلة الوظيفية أو الاجتماعية إلى طاولة مستطيلة واحدة، فإن الشخص الأكثر تأثيراً والأعلى مقاماً يجلس إلى الضلع القصير للطاولة، ويجلس في قبالته الشخص الذي يأتي ثانياً في المرتبة، ومن يجلس قبالة الباب هو “الزعيم” دائماً.

الطاولات المستطيلة تصلح للأشخاص المتفاوتين في المنزلة، بينما الطاولات المستديرة والمربعة تعتبر الأفضل للأشخاص المتساوين في المنزلة، مع ملاحظة أن الطاولة المستديرة تنشأ جواً من الاسترخاء، والمربعة تخلق جواً من التنافسية والدفاعية.

لذلك، فإن الأسر المفتوحة تختار طاولة مستديرة، والأسر المقفلة تفضّلها مربعة، والأسر المتسلطة تصر على أن تكون مستطيلة. بالطبع يجب أخذ حجم الغرفة وزواياها بعين الاعتبار عند الحكم على طاولات الناس.

وتنشأ الجلسات التقابلية أقاليم للملكية، حيث يتشاطر الطرفان ملكية الطاولة، ويحدد كل طرف حدوده الجغرافية بالملاحات والكاتشب والموبايل وعلبة السجائر وغيرها.

وللكراسي نصيبها أيضاً، فالكراسي التي تدور تعطي قوة أكبر عن الكراسي الثابتة؛ لأنها تعطي صاحبها هامشاً من الحركة عند وقوعه تحت الضغط و”التهزيء”. والكراسي مرتفعة الظهر، توحي بأن صاحبها عالي المقام، لذلك تكون كراسي المديرين مرتفعة الظهر، بينما كراسي الزوّار ذات ظهر منخفض. والكراسي المرتفعة تعطي الانطباع بالهيمنة. والكراسي التي تنحني والتي لها أذرع، أفضل من غيرها.

أرجو ألا يستغل الرجال لعبة الكراسي والطاولات مع زوجاتهم، وأرجو أن تنتبه الزوجات إلى هذه الألاعيب الصبيانية والتي توضح أهمية لغة الطاولات والكراسي والتي هي جزء من لغة الجسد.. هذا ووفّق الله جميع رجال العالم إلى ما يحبّون.

الختام: وقبل الختام بقليل، فإنني أخلي مسؤوليتي تجاه أية أخطاء أو كوارث تحدث نتيجة لغة الجسد، وأحذر بشدة من أن مراقبة لغة الجسد عند الشعوب العربية محفوف بـ”البكوس” و”القنادر” وضرب النعل.

فليس من المقبول شرعاً ولا عرفاً ولا ذوقاً مراقبة رجل لامرأة، أو العكس. وحتى في المحيط الواحد، من الممكن أن يُفهم الموضوع بشكل لا أخلاقي، خصوصاً مع تزايد ظاهرة تبادل المنفعة بين أفراد الجنس الواحد.

أخيراً: وعلى الرغم من الأهمية البالغة للغة الجسد، لأنها لغة يصعب تزويرها بعكس لغة اللسان الذي ليس فيه عظم، إلا أنني أنصح، والنصح بالحق فضيلة، بتركيز العربي على لغة جسده من دون التوقف طويلاً أمام لغة أجساد الآخرين، ويمكنه أن يراقب بعين بريئة مثل عيون الأطفال، وبشكل خاطف، مع محاولة تجنّب كسر الأمر الديني بغض البصر.

مدونة احمد اميري
Admin
Admin
Admin

عدد المشاركات : 154
نقاط التميز : 359
تاريخ التسجيل : 17/07/2011
العمر : 34
الموقع : الجزائر

https://salis.forumalgerie.net

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى